|
|
حفصة بنت عمر حافظة المصحف الشريف نسبها : إنها حفصة بنت عمر بن الخطاب العدوية القرشية، امها : هي السيدة زينب بنت مظعون. وكانت ولادة السيدة حفصة رضي الله عنها في السنة الخامسة قبل بعثة النبي صلي الله عليه وسلم وقيل في السنة السابعة وعندما أسلم سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه تبعه في إسلامه أهل بيته ومن بينهم حفصة.
تزوجت السيدة حفصة رضي الله عنها بصحابي جليل كان من السابقين إلي الإسلام, وكان
من أصحاب الهجرتين إلي الحبشة, وهو: خنيس بن حذافة بن قيس بن عدي السهيمي
القرشي.
التقي بعد ذلك أبو بكر عمر رضي الله عنهما فاعتذر له وقال : (( لا تجـدْ عليّ ، فإن
رسـول اللـه صلى اللـه عليه وسلم كان قد ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سرّه، ولو تركها
لتزوّجتها )). ودخلت حفصة بيت النبي صلى الله عليه وسلم، بعد سودة وعائشة، أما سودة فرحّبت بها راضية، وأمّا عائشة فحارت ماذا تصنع بابنة الفاروق عمر، وسكتت أمام هذا الزواج المفاجيء، الذي تقتطع فيه حفصة ثلث أيامها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الغيرة تضاءلت مع قدوم زوجات أخريات، فلم يسعها إلا أن تصافيها الود، وتُسرّ حفصة لودّ ضرتها عائشة، وعندها حذّر عمر بن الخطاب ابنته من هذا الحلف الداخلي، ومن مسايرة حفصة لعائشة المدللة، فقال لها : (( يا حفصة، أين أنت من عائشة، وأين أبوكِ من أبيها ؟)). عاشت حفصة بنت عمر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حياة طبيعية كانت خلالها الزوجة التي تحب وتكره، تغار وتشتكي، تغضب وتسأل وتجادل، وقد اختارت من بين أمهات المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق لتكون صديقتها وموضع سرها حتى أن السيدة عائشة وصفتها بأنها بنت أبيها كدليل على فضلها.
صفاتها : كانت رضي الله عنها لصوامة ، القوامة، وقد وعت حفصة مواعظ الله حق الوعي وتأدبت بآداب كتابه الكريم حق التأدب وقد عكفت على المصحف تلاوة و تدبرا و تفهما و تأملا مما أثار انتباه أبيها الفاروق (عمر بن الخطاب) إلى عظيم اهتمامها بكتاب الله تبارك و تعالى مما جعله يوصي بالمصحف الشريف الذي كتب في عهد أبي بكر الصديق بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم و كتابه كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته صلى الله عليه و سلم إلى ابنته (حفصة) أم المؤمنين روت حفصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة قيل أنها بلغت ستون حديثاً هذا الصوامة القوامة حفصة بنت عمر أم المؤمنين التي عاشت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قرابة السبع سنوات تزداد إشراقاً مع الأيام حين اختيرت من أجلاء الصحابة لتكون حارسة القرآن الكريم، فأي شرف يعطيه الإسلام للمرأة المسلمة حين تكون حارسة للقرآن الكريم في عصر تكاثرت فيه النجوم الزاخرة في سماء الأمة الإسلامية. وقد تركت لنا كتب السيرة عن حياتها وقصصها مع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير لكنها كانت في كل خطاها ممسكة بزمام أهوائها قد تخطئ في بعض أمرها، وهذا حال المؤمن لكنها تكون خير التوابين فلم توكل نفسها للحظة تنال بها غضب الله بل كانت كما قال عنها جبريل عليه السلام للنبي عليه الصلاة والسلام : إنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة
الجرأة الأدبية : سمع عمر رضي الله عنه يوما من زوجته أن حفصة تراجع الرسول صلى الله عليه وسلم بالكلام، فمضى إليها غاضباً، وزجرها قائلاً : (( تعلمين أني أحذرك عقوبة الله وغضب رسوله، يا بُنيّة ! لا يغرنّك هذه التي أعجبها حسنها وحبُّ الرسول صلى الله عليه وسلم إياها، والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أنا لطلّقك )).
الطلاق: طلق الرسول صلى الله عليه وسلم حفصة طلقةً رجعية، وذلك لإفشائها سراً استكتمها إيّاه، فلم تكتمه، وقصة ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم خلا يوماً بماريه رضي الله عنها في بيت حفصة، فلما انصرفت ماريه دخلت حفصة حجرتها وقالت للنبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد رأيت من كان عندك، يا نبي الله لقد جئت إلي شيئا ما جئت إلى أحدٍ من أزواجك في يومي، وفي دوري وفي فراشي))
ثم استعبرت باكية، فأخذ الرسول صلى الله
عليه وسلم باسترضائها فقال: (( ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها ؟)) قالت: بلى
فحرمها وقال لها: (( لا تذكري ذلك لأحد)) ورضيت حفصة بذلك، وسعدت ليلتها بقرب
النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبحت الغداةَ، لم تستطع على كتمان سرها،
فنبّأت به عائشة، فأنزل الله تعالى قوله الكريم مؤدِّباً لحفصة خاصة ولنساء
النبي عامة قال الله تعالى:{وإذ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْوَاجه
حَديثاً، فلمّا نَبّأتْ بِهِ وأظهَرَهُ اللّهُ عليه عَرَّفَ بعضَه وأعْرَض عن
بَعْضٍ فلمّا نَبّأهَا بِهِ قالت مَنْ أنْبَأكَ هَذا قال نَبّأنِي العَلِيمُ
الخَبيرُ}
الوديعة الغالية : حفظ نسخة القرآن الكريم عندها ، روى أبو نعيم عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال : (( لما أمرني أبو بكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما هلك أبو بكر رضي الله عنه أي توفي كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده على رق من نوع واحد فلما هلك عمر رضي الله عنه كانت الصحيفة عند حفصة زوجة النبي صلى الله عليه و سلم، ثم أرسل عثمان رضي الله عنه إلى حفصة رضي الله عنها، فسألها أن تعطيه الصحيفة و حلف ليردنها إليها فأعطته، فعرض المصحف عليها، فردها إليها، وطابت نفسه، و أمر الناس فكتبوا المصاحف))
وفاتها : توفيت حفصة رضي الله عنها في شعبان سنة خمس وأربعين، أو إحدى وأربعين في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وهي يومئذ ابنة ستين سنة أو ثلاث وستين سنة، فصلّى عليها مروان بن الحَكَم، وهو يومئذ عامل المدينة، ثم تبعها إلى البقيع، وجلس حتى فُرغ من دفنها، وكان نزل في قبرها عبد الله وعاصم ابنا عمر وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله بن عمر. |
|